الدين والفرد

تحرّي الحقيقة


إنّ الإنسان هو أرقى مخلوقات الله الّذي يمتلك قدرات فريدة، فهو الوحيد من بين المخلوقات كافّة الّذي يمكنه معرفة الله، وإدراك طبيعة نفسه الرّوحانيّة، لذا عليه أن يكون باحثًا شجاعًا عن الحقيقة وأن يستعمل كلّ الملكات الّتي وهبها الله له من أجل الوصول إلى الحقيقة، وأن يكون قلبه طاهرًا وعقله حرًّا من التّعصّب.

فالبحث عن الحقيقة إذًا ليس فقط حقًّا يتمتّع به كلّ إنسان، بل واجبٌ عليه أيضًا.  وحيث أنَّ الحقيقة واحدة ولا تقبل التّعدّد والانقسام فالنّتيجة الطّبيعيّة لتحرّي الحقيقة هي الوحدة والانسجام ونبذ التّعصّبات المختلفة لأنّ الجميع سيصل إلى الحقيقة ذاتها.


إنّ حضرة بهاء الله يأمرنا بالإنصاف وهو تجرّد الإنسان عن الوهم والتّقليد ومتابعة الآخرين في آرائهم ومعتقداتهم بلا روية ولا إمعان الفكر في معرفة الحقّ من الباطل وتمييز الظّلّ من الحقيقة، فعلى كلّ إنسان أن يتحرّى الحقيقة لنفسه بنفسه ويرى الأشياء بعينه لا بعين غيره ويسمع الأمور بأذنه لا بأذن غيره.  يتفضّل حضرة بهاء الله في الكلمات المكنونة:  "يَا ابْنَ الرُّوحِ، أَحَبُّ الأَشْيَاءِ عِنْدِي الإنْصافُ.  لا تَرْغَبْ عَنْهُ إِنْ تَكُنْ إِلَيَّ راغِباً وَلا تَغْفَلْ مِنْهُ لِتَكُونَ لِي أَمِيناً وَأَنْتَ تُوَفَّقُ بِذلِكَ أَنْ تُشَاهِدَ الأَشْياءَ بِعَيْنِكَ لا بِعَيْنِ العِبادِ وَتَعْرِفَها بِمَعْرِفَتِكَ لا بِمَعْرِفَةِ أَحَدٍ فِي البِلادِ.  فَكِّرْ فِي ذلِكَ كَيْفَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ.  ذلِكَ مِنْ عَطِيَّتِي عَلَيْكَ وَعِنايَتي لَكَ فَاجْعَلْهُ أَمامَ عَيْنَيْكَ."

مكارم الأخلاق والحياة المتّزنة


يحثّنا حضرة بهاء اللّه من خلال تعاليمه المباركة على الإلتزام بالعفّة ومكارم الأخلاق والتّمسّك بالقيم الأخلاقيّة في حديثنا وفكرنا وسلوكنا نظرًا لأهمّيّتها في الحفاظ على الأفراد وكيان الأسرة والمجتمعات من التّفكّك والانهيار.
 يتفضّل حضرة بهاء الله: "كونوا في الطّرف عفيفًا، وفي اليد أمينًا، وفي اللّسان صادقًا، وفي القلب متذكّرًا." 

 كما يتفضّل حضرة شوقي أفندي بشأن العفّة والطّهارة: 
“إنّ هذا التّقديس والتّنزيه بما يقتضيه من عفّة وطهارة يستلزم الاعتدال في جميع المراتب والأحوال:  في الملبس ثمّ الألفاظ والكلمات وممارسة المواهب الفنيّة والأدبيّة وكذا الأمر في الابتعاد عن المُشتهيات النّفسيّة وترك العادات والأهواء السّخيفة وأساليب اللّهو الرّذيلة الّتي تحطّ من مقام الإنسان وتهوي به من أوج العزّة إلى حضيض الذّلّة..." (مترجم)


إنّ ما يحصل في عالمنا اليوم ويُعدّ أحد الأسباب الرّئيسيّة للفساد هو الاهتمام البالغ بالتّرفيه والمتعة والتّسلية والتّعطّش إلى اللّهو والابتعاد عن الجدّ بل والنّفور منه ونظرة الاستهزاء حيال العفّة والقيم الشّريفة. الابتعاد عن هذه الأمور وترك التّصرّفات العابثة الطّائشة لا يعني بالضّرورة أن يغدو الفرد عابسًا مكتئبًا، فالمرح والسّعادة من ميّزات الحياة البهائيّة الحقّة أمّا العبث فغالبًا مايؤول إلى الملل والفراغ. فيتفضّل حضرة شوقي أفندي: "السّعادة الحقيقيّة هي جزء من الحياة المتّزنة الّتي نرى فيها أيضًا ذلك التّفكير الجدّيّ والشّفقة والعبوديّة لله، إذ هي من أهمّ المزايا الّتي تضفي على الحياة بريقًا لامعًا وتغنيها بالسّعادة"

الصّدق والأمانة


يحثّ الدّين البهائيّ أتباعه على ضرورة التّخلّق بالفضائل الإنسانيّة واعتبارها منهجًا للسّلوك السّويّ ونمطًا للتّعامل الشّريف. وقد أكّد على تطوير الخصال الرّوحانيّة الّتي يعتمد عليها الرّقيّ الرّوحانيّ وتساعد الفرد في رحلته الأبديّة نحو الخالق العظيم؛ لذا فإنّ السّعي على صقل هذه الخصال وتهذيبها أمر يستلرم الجهد والمثابرة والتعلّم لتتجلّى في سلوك الفرد وأعماله يتفضّل حضرة عبد البهاء:  "وعلينا أن نجهد بصورة متواصلة ودون راحة لتحقيق رقي الفطرة الرّوحانيّة في الإنسان، وأن نسعى بقوّة لا تعرف الكلل للرّقيّ بالإنسانيّة إلى رفعة وسموّ مقامها الحقيقيّ المنشود."

من الفضائل الإنسانيّة الّتي أكّد عليها حضرة بهاء الله الصّدق والأمانة الّلذان يعتبران مطلبين رئيسيّين في حياة المؤمن وهما عنوان الصّلاح والفضل وعليهما تترتّب جميع الفضائل الإنسانيّة؛ تفضّل حضرة عبد البهاء:  "إنّ الصّدق هو أساس جميع الفضائل الإنسانيّة، وبدون الصّدق يكون الفلاح والنّجاح مستحيلًا لأيّ إنسان في جميع العوالم.  وعندما تتمكّن هذه الصّفة المباركة في الإنسان، فإنّ جميع الصّفات الإلهيّة الأخرى تحصل لديه." (مترجم)

وأكّد حضرة بهاء الله على أهمّية الأمانة بأنّها "باب الاطمئنان لمن في الإمكان وآية العزّة من لدى الرّحمن من فاز بها فاز بكنوز الثّروة والغناء.  إنّ الأمانة هي الوسيلة العظمى لراحة الخلق واطمئنانهم."


Share by: