الدّين البَهَائيّ


الدين البهائي رسالة سماوية مستقلة ضمن سلسلة رسالات الله التى يبعث بها من أجل رقي الانسان وتطور مشاعره الإيمانية وتقدمه ماديا ومعنويا وتقربه إلى الله. فالبهائيون ينظرون إلى تتابع الأديان باعتبارها سلسلة متتابعة ومستمرة من الرسالات يحملها نفوس طاهرة مقدسة يصطفيهم الله ليكونوا مرايا تعكس انواره وتعاليمه وسرجا تهدي البشرية إلى ما هو خير لها ماديا ومعنويا. رسالات تتحد وتتشابه أصولها وتتنوع فروعها المتمثلة في تشريعاتها لتتناسب مع احتياجات الانسان والتحديات التي تواجهه في كل حقبة زمنية. فالرسالات الإلهية بمثابة العلاج والترياق من أجل علل العالم وأمراضه، وهي تتطور في تعاليمها وأحكامها حسب تطور البشر وتبدل متطلباته وما قد يطرأ عليه من علل وأمراض في كل مرحلة.

 

يدعو الدين البهائي إلى الإيمان بالله الواحد الذي لا شريك له، ويعترف بوحدة الرسل دون استثناء، ويؤكد على وحدة الجنس البشري، ويأمر أتباعه بنبذ كافة ألوان التعصب والتقليد، موضحا أن الأديان جميعها تهدف إلى إشاعة الألفة والوئام بين الناس، ويعتبر توافق الدين والعلم أمراً جوهرياً من أهم العوامل التي تجلب السكينة والاطمئنان للمجتمع البشري وتعينه على التقدم المادي والمعنوي والسعي في عمار الأرض. كما تحث التعاليم البهائية على تهذيب النفس والتحلي بمكارم الأخلاق والتمسك بالعفة وتغرس الفضائل في النفوس وتؤكد على الالتزام بالعفة والنزاهة في جميع الشؤون.



تاريخ الدّين البهائيّ في سلطنة عمان


لطالما كانت سلطنة عمان محطّ الثّقافات المختلفة ولطالما حافظت على نسيجها الوطنيّ والاجتماعيّ وأصبح التّعايش والتّسامح بين جميع أطياف المجتمع من أبرز سماتها.

تعود علاقة الدّين البهائيّ  بسلطنة عمان منذ بزوغ فجر الدّين البهائيّ في أواسط القرن التّاسع عشر، ففي 26 من شعبان 1260 الموافق 9 أيلول/سبتمبر 1844 تحرّك موكب حضرة الباب (السّيّد علي محمّد المبشّر بظهور حضرة بهاء الله) في رحلة الحجّ، وكان برفقته اثنين من أصحابه.  في التّاسع عشر من رمضان 1260 ترك حضرة الباب ميناء بوشهر على ظهر قارب صغير وبعد ثلاث ساعات انتقل حضرته إلى سفينة شراعيّة عربيّة اسمها "فتوح الرّسول" في رحلة بحريّة طويلة، رحلة تاريخيّة شهدت الإعلان العموميّ لدعوته.

بعد حوالي اثنا عشر يومًا من الإبحار رست السفينة في ميناء مسقط وعلى متنها حضرة الباب، حيث أقام حضرته عدّة أيّام في منزل والي مسقط، وهناك آمن الحاجّ سيّد جواد محرّر الإصفهانيّ.  وقد أشارت بعض المراجع التّاريخيّة إلى أنّه خلال هذه الفترة جرت محادثات بين حضرة الباب وبين أحد العلماء المشهورين آنذاك وقام بإبلاغ دعوته إليه.

وبعد مدّة تقارب أربعين يومًا غادر حضرته على متن السّفينة من ميناء مسقط مكملًا رحلة الحجّ.  إنّ لإقامة حضرة الباب في مسقط الأثر الكبير في قلوب البهائيّين حيث أضحت جزءًا من تاريخ الدّين البهائيّ.

يرجع ارتباط البهائيّين بسلطنة عمان قبل بزوغ فجر النّهضة المباركة وقد ساهم البهائيّون وعملوا مع أبناء وطنهم قبل النّهضة وبعدها من أجل رقي وتقدّم وطنهم الحبيب بكلّ عزم وتفانٍ، إيمانًا منهم أنّ العبادة لا تكتمل إلّا بالعمل والخدمة فخدموا وساهموا في قطاعات مختلفة منها قطاع الطّبّ والتّعليم والصّناعة والتّجارة.

واليوم يتواجد البهائيّون في العديد من المدن والقرى ويتشاركون مع مختلف مكوّنات مجتمعهم في أداء واجبهم تجاه بناء الوطن وخدمة المجتمع بروح المحبّة والتّعايش.


 

” قل يا قوم دعوا الرّذائل وخذوا الفضائل، كونوا قدوة حسنة بين النّاس وصحيفة يتذكّر بها الأناس، ... واجعلوا إشراقكم أفضل من عشيّكم، وغدكم أحسن من أمسكم. فضل الإنسان في الخدمة والكمال لا في الزّينة والثّروة والمال، اجعلوا أقوالكم مقدّسة عن الزّيغ والهوى وأعمالكم منزّهة عن الرّيب والرّياء. قل لا تصرفوا نقود أعماركم النّفيسة في المشتهيات النّفسيّة ولا تقتصروا الأمور على منافعكم الشّخصيّة، ... اجتنبوا التّكاهل والتّكاسل وتمسّكوا بما ينتفع به العالم من الصّغير والكبير والشّيوخ والأرامل، قل إيّاكم أن تزرعوا زؤان الخصومة بين البريّة وشوك الشكوك في القلوب الصّافية المنيرة، ... كونوا في الطرْف عفيفاً، وفي اليد أميناً، وفي اللسان صادقاً، وفي القلب متذكرا... “ حضرة بهاء الله

 

” كن في النعمة مُنفقاً، وفي فقدها شاكراً، وفي الحقوق أميناً … وفي الوعد وفيّاً، وفي الأمور منصفاً … للمهموم فَرَجاً، وللظمآن بحراً، وللمكروب ملجأ وللمظلوم ناصراً، … وللغريب وطناً، وللمريض شفاءً، وللمستجير حصناً، وللضرير بصراً، ولمن ضلّ صراطاً، ولوجه الصدق جمالاً، ولهيكل الأمانة طرازاً، ولبيت الأخلاق عرشاً... “  حضرة بهاء الله

Share by: